فصل: فصل (في أقسام الكفار مع النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ وَالْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي مَعْنَاهَا مِنْ مُرَاعَاةِ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فِي الْحَرْبِ مَا انْفَرَدَ بِهِ الْإِسْلَامُ دُونَ الشَّرَائِعِ السَّابِقَةِ، وَقَوَانِينِ الْمَدَنِيَّةِ اللَّاحِقَةِ. وَمَعَ هَذِهِ الْفَضَائِلِ وَالْمَزَايَا كُلِّهَا يَطْعَنُ دُعَاةُ النَّصْرَانِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ مُكَابِرِي الْحَقِّ فِي هَذَا الدِّينِ، وَفِي أَخْلَاقِ مَنْ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَحْكَامَ الشَّرِيفَةَ وَقَالَ لَهُ: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [68: 4].
ثُمَّ أَنْذَرَ اللهُ تَعَالَى أُولَئِكَ الْخَائِنِينَ بِالْفِعْلِ مَا سَيَحِلُّ بِهِمْ فَقَالَ: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا} قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَحَفْصٌ {يَحْسَبَنَّ} بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَالْبَاقُونَ بِالْفَوْقِيَّةِ، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ أَظْهَرُ، وَمَعْنَاهَا: وَلَا تَحْسَبَنَّ أَيُّهَا الرَّسُولُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا قَدْ سَبَقُوا بِخِيَانَتِهِمْ لَكَ، وَنَقْضِهِمْ لِعَهْدِكَ بِالسِّرِّ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ بِأَنْ أَفْلَتُوا مِنْ عِقَابِنَا مُتَحَصِّنِينَ بِعَهْدِهِمُ الَّذِي يَمْنَعُكَ مِنْ قِتَالِهِمْ وَمِثْلُهُ قوله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [29: 4]- وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الْأُولَى فَمَعْنَاهَا: وَلَا يَحْسَبَنَّ حَاسِبٌ أَوْ أَحَدٌ أَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا قَدْ سَبَقُوا بِمَا ذُكِرَ مِنْ نَقْضِهِمْ لِلْعَهْدِ، وَمُظَاهَرَتِهِمْ لِأَهْلِ الشِّرْكِ فِي الْحَرْبِ- أَوْ لَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْفُسَهُمْ سَبَقُونَا، وَنَجَوْا مِنْ عَاقِبَةِ خِيَانَتِهِمْ وَشَرِّهِمْ، وَقَدْ عَلَّلَ هَذَا النَّهْيَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَعَلَا: {إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ} قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِكَسْرِ إِنَّ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَابْنُ عَامِرٍ بِفَتْحِهَا بِتَقْدِيرِ لِأَنَّهُمْ وَحَذْفُ لَامِ التَّعْلِيلِ مُطَّرِدٌ فِي مِثْلِ هَذَا. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ اللهَ تَعَالَى بِمَكْرِهِمْ وَخِيَانَتِهِمْ لِرَسُولِهِ بِمُسَاعَدَةِ الْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ سَيَجْزِيهِمْ وَيُسَلِّطُ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمْ، فَيُذِيقُونَهُمْ عَاقِبَةَ كَيْدِهِمْ. وَهَذَا كَمَا قَالَ فِي نَبْذِ عُهُودِ الْمُشْرِكِينَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ بَرَاءَةٌ: {وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} [9: 2] فَهُوَ قَدْ أَعْلَمَ رَسُولَهُ بِخِيَانَتِهِمْ، وَأَذِنَ لَهُمْ بِنَبْذِ عَهْدِهِمْ، لِيُحِلَّ لَهُ مُنَاجَزَتَهُمُ الْقِتَالَ جَزَاءً عَلَى مُسَاعَدَتِهِمْ لِأَعْدَائِهِ عَلَيْهِ وَإِغْرَائِهِمْ بِقِتَالِهِ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا أَوْجَبَهُ الْإِسْلَامُ مِنَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْعُهُودِ مَعَ الْمُحَالِفِينَ مِنْ أَعْدَائِهِ الْمُخَالِفِينَ لَهُ فِي الدِّينِ: وَمَا حَرَّمَهُ مِنَ الْخِيَانَةِ لَهُمْ فِيهَا، وَمَا شَرَعَهُ مِنَ الْعَدْلِ وَالصَّرَاحَةِ فِي مُعَامَلَتِهِمْ- لَيْسَ عَنْ ضَعْفٍ وَلَا عَنْ عَجْزٍ، بَلْ عَنْ قُوَّةٍ وَتَأْيِيدٍ إِلَهِيٍّ، وَقَدْ نَصَرَ اللهُ تَعَالَى الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْيَهُودِ الْخَائِنِينَ النَّاقِضِينَ لِعُهُودِهِمْ، وَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ قِتَالَ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ وَإِجْلَاءَهُمْ لِبَقِيَّةِ السَّيْفِ مِنْهُمْ مَنْ جِوَارِ عَاصِمَةِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ مِنْ مَهْدِهِ وَمَعْقِلِهِ الْحِجَازِ كَانَ عَدْلًا وَحَقًّا.
فُصُولٌ فِي الْمُعَامَلَةِ بَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَهُودِ الْمَدِينَةِ فِي السَّلْمِ وَالْحَرْبِ نَخْتِمُ تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَاتِ بِمَا شَرَحَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ إِتْمَامًا لِمَا فَسَّرْنَا بِهِ الْآيَاتِ، وَإِثْبَاتًا لَهُ بِالْوَقَائِعِ وَالْبَيِّنَاتِ، قَالَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:

.فصل [في أقسام الكفار مع النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة]:

وَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ صَارَ الْكُفَّارُ مَعَهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ صَالَحَهُمْ وَوَادَعَهُمْ عَلَى أَلَّا يُحَارِبُوهُ، وَلَا يُظَاهِرُوا عَلَيْهِ، وَلَا يُوَالُوا عَلَيْهِ عَدُوَّهُ، وَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ آمِنُونَ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَقِسْمٌ حَارَبُوهُ وَنَصَبُوا لَهُ الْعَدَاوَةَ، وَقِسْمٌ تَارِكُوهُ فَلَمْ يُصَالِحُوهُ، وَلَمْ يُحَارِبُوهُ بَلِ انْتَظَرُوا مَا يَئُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُ وَأَمْرُ أَعْدَائِهِ، ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ كَانَ يُحِبُّ ظُهُورَهُ، وَانْتِصَارَهُ فِي الْبَاطِنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُحِبُّ ظُهُورَ عَدُوِّهِ عَلَيْهِ وَانْتِصَارَهُمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الظَّاهِرِ وَهُوَ مَعَ عَدُوِّهِ فِي الْبَاطِنِ، لِيَأْمَنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ: فَعَامَلَ كُلَّ طَائِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الطَّوَائِفِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
فَصَالَحَ يَهُودَ الْمَدِينَةِ، وَكَتَبَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ كِتَابَ أَمْنٍ، وَكَانُوا ثَلَاثَ طَوَائِفَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ: بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَبَنِيَ النَّضِيرِ، وَبَنِي قُرَيْظَةَ، فَحَارَبَتْهُ بَنُو قَيْنُقَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ، وَشَرَّقُوا بِوَقْعَةِ بَدْرٍ وَأَظْهَرُوا الْبَغْيَ وَالْحَسَدَ، فَسَارَتْ إِلَيْهِمْ جُنُودُ اللهِ يَقْدُمُهُمْ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ يَوْمَ السَّبْتِ لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ عَلَى رَأْسِ عِشْرِينَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِهِ، وَكَانُوا حُلَفَاءَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولَ رَئِيسِ الْمُنَافِقِينَ، وَكَانُوا أَشْجَعَ يَهُودِ الْمَدِينَةِ، وَحَامِلُ لِوَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَلَّبِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، وَحَاصَرَهُمْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً إِلَى هِلَالِ ذِي الْقَعْدَةِ، وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ حَارَبَ مِنَ الْيَهُودِ، وَتَحَصَّنُوا فِي حُصُونِهِمْ، فَحَاصَرَهُمْ أَشَدَّ الْحِصَارِ، وَقَذَفَ اللهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ الَّذِي إِذَا أَرَادَ خِذْلَانَ قَوْمٍ وَهَزِيمَتَهُمْ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِمْ، وَقَذَفَهُ فِي قُلُوبِهِمْ، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رِقَابِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ فَأَمَرَ بِهِمْ فَكُتِّفُوا، وَكَلَّمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ فِيهِمْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَلَحَّ عَلَيْهِ فَوَهَبَهُمْ لَهُ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَلَا يُجَاوِرُوهُ بِهَا، فَخَرَجُوا إِلَى أَذْرِعَاتِ الشَّامِ فَقَلَّ أَنْ لَبِثُوا فِيهَا حَتَّى هَلَكَ أَكْثَرُهُمْ، وَكَانُوا صَاغَةً وَتُجَّارًا، وَكَانُوا نَحْوَ السِّتِّمِائَةِ مُقَاتِلٍ، وَكَانَتْ دَارُهُمْ فِي طَرَفِ الْمَدِينَةِ، وَقَبَضَ مِنْهُمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَخَذَ مِنْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ قِسِيٍّ وَدِرْعَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَسْيَافٍ وَثَلَاثَةَ رِمَاحٍ وَخَمَّسَ غَنَائِمَهُمْ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى جَمْعَ الْغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ.

.فصل [في نقض بني النضير العهد]:

ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ بَنُو النَّضِيرِ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ قَالَهُ عُرْوَةُ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَيْهِمْ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَلَّمَهُمْ أَنْ يُعِينُوهُ فِي دِيَةِ الْكِلَابِييِّنَ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ، فَقَالُوا: نَفْعَلُ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. اجْلِسْ هَاهُنَا حَتَّى نَقْضِيَ حَاجَتَكَ، وَخَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَسَوَّلَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ الشَّقَاءَ الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِمْ فَتَآمَرُوا بِقَتْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا: أَيُّكُمْ يَأْخُذُ هَذِهِ الرَّحَى وَيَصْعَدُ فَيُلْقِيهَا عَلَى رَأْسِهِ يَشْدَخُهُ بِهَا؟ فَقَالَ أَشْقَاهُمْ عَمْرُو بْنُ جَحَّاشٍ: أَنَا، فَقَالَ لَهُمْ سَلَامُ بْنُ مِشْكَمٍ: لَا تَفْعَلُوا، فَوَاللهِ لَيُخْبَرَنَّ بِمَا هَمَمْتُمْ بِهِ، وَإِنَّهُ لَنَقْضُ الْعَهْدِ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، وَجَاءَ الْوَحْيُ عَلَى الْفَوْرِ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِمَا هَمُّوا بِهِ فَنَهَضَ مُسْرِعًا، وَتَوَجَّهَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَحِقَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: نَهَضْتَ وَلَمْ نَشْعُرْ بِكَ، فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا هَمَّتْ يَهُودُ بِهِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنِ اخْرُجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَلَا تُسَاكِنُونِي بِهَا، وَقَدْ أَجَّلْتُكُمْ عَشْرًا، فَمَنْ وَجَدْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، فَأَقَامُوا أَيَّامًا يَتَجَهَّزُونَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الْمُنَافِقَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ أَلَّا تَخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ فَإِنَّ مَعِيَ أَلْفَيْنِ يَدْخُلُونَ مَعَكُمْ حِصْنَكُمْ فَيَمُوتُونَ دُونَكُمْ، وَتَنْصُرُكُمْ قُرَيْظَةُ وَحُلَفَاؤُكُمْ مِنْ غَطَفَانَ، وَطَمِعَ رَئِيسُهُمْ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ فِيمَا قَالَهُ لَهُ، وَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّا لَا نَخْرُجُ مِنْ دِيَارِنَا فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ. فَكَبَّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ وَنَهَضُوا إِلَيْهِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَحْمِلُ اللِّوَاءَ. فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِمْ أَقَامُوا عَلَى حُصُونِهِمْ يَرْمُونَ بِالنَّبْلِ وَالْحِجَارَةِ وَاعْتَزَلَتْهُمْ قُرَيْظَةُ، وَخَانَهُمُ ابْنُ أُبَيٍّ وَحُلَفَاؤُهُمْ مِنْ غَطَفَانَ، وَلِهَذَا شَبَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قِصَّتَهُمْ، وَجَعَلَ مَثَلهم: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ} [59: 16] فَإِنَّ سُورَةَ الْحَشْرِ هِيَ سُورَةُ بَنِيَ النَّضِيرِ، وَفِيهَا مَبْدَأُ قِصَّتِهِمْ وَنِهَايَتُهَا، فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَطَعَ نَخْلَهُمْ وَحَرَقَ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ: نَحْنُ نَخْرُجُ عَنِ الْمَدِينَةِ، فَأَنْزَلَهُمْ عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا عَنْهَا بِنُفُوسِهِمْ وَذَرَارِيهِمْ، وَأَنَّ لَهُمْ مَا حَمَلَتِ الْإِبِلُ إِلَّا السِّلَاحَ، وَقَبَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْأَمْوَالَ وَالْحَلْقَةَ وَهِيَ السِّلَاحُ، وَكَانَتْ بَنُو النَّضِيرِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِنَوَائِبِهِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُخَمِّسْهَا؛ لِأَنَّ اللهَ أَفَاءَهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهَا بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، وَخَمَّسَ قُرَيْظَةَ.
قَالَ مَالِكٌ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: خَمَّسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُرَيْظَةَ وَلَمْ يُخَمِّسْ بَنِي النَّضِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُوجِفُوا بِخَيْلِهِمْ وَلَا رِكَابِهِمْ عَلَى بَنِي النَّضِيرِ كَمَا أَوْجَفُوا عَلَى قُرَيْظَةَ، وَأَجْلَاهُمْ إِلَى خَيْبَرَ وَفِيهِمْ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ كَبِيرُهُمْ، وَقَبَضَ السِّلَاحَ وَاسْتَوْلَى عَلَى أَرْضِهِمْ وَدِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَوَجَدَ مِنَ السِّلَاحِ خَمْسِينَ دِرْعًا وَخَمْسِينَ بَيْضَةً، وَثَلَاثَمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَيْفًا، وَقَالَ: هَؤُلَاءِ فِي قَوْمِهِمْ بِمَنْزِلَةِ بَنِي الْمُغِيرَةِ فِي قُرَيْشٍ، وَكَانَتْ قِصَّتُهُمْ فِي رَبِيعِ أَوَّلٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ.

.فصل [في عداوة قريظة لرسول الله صلى الله عليه وسلم]:

وَأَمَّا قُرَيْظَةُ فَكَانَتْ أَشَدَّ الْيَهُودِ عَدَاوَةً لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَأَغْلَظَهُمْ كُفْرًا، وَلِذَلِكَ جَرَى عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَجْرِ عَلَى إِخْوَانِهِمْ، وَكَانَ سَبَبُ غَزْوِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا خَرَجَ إِلَى غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَالْقَوْمُ مَعَهُ صُلْحٌ جَاءَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فِي دِيَارِهِمْ، فَقَالَ: قَدْ جِئْتُكُمْ بِعِزِّ الدَّهْرِ، جِئْتُكُمْ بِقُرَيْشٍ عَلَى سَادَاتِهَا وَغَطَفَانَ عَلَى قَادَاتِهَا وَأَنْتُمْ أَهْلُ الشَّوْكَةِ وَالسِّلَاحِ، فَهَلُمَّ حَتَّى نُنَاجِزَ مُحَمَّدًا وَنَفْرُغَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ رَئِيسُهُمْ: بَلْ جِئْتَنِي وَاللهِ بِذُلِّ الدَّهْرِ، جِئْتَنِي بِسَحَابٍ قَدْ أَرَاقَ مَاءَهُ فَهُوَ يَرْعَدُ وَيَبْرُقُ. فَلَمْ يَزَلْ يُخَادِعُهُ وَيَعِدُهُ وَيُمَنِّيهِ، حَتَّى أَجَابَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي حِصْنِهِ يُصِيبُهُ مَا أَصَابَهُمْ، فَفَعَلَ وَنَقَضُوا عَهْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَظْهَرُوا سَبَّهُ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْخَبَرُ، فَأَرْسَلَ يَسْتَعْلِمُ الْأَمْرَ فَوَجَدَهُمْ قَدْ نَقَضُوا الْعَهْدَ فَكَبَّرَ وَقَالَ: (أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ) فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا أَنْ وَضَعَ سِلَاحَهُ فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: وَضَعْتَ السِّلَاحَ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ تَضَعْ أَسْلِحَتَهَا، فَانْهَضْ بِمَنْ مَعَكَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، فَإِنِّي سَائِرٌ أَمَامَكَ أُزَلْزِلُ بِهِمْ حُصُونَهُمْ، وَأَقْذِفُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ. فَسَارَ جِبْرَائِيلُ فِي مَوْكِبِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَثَرِهِ فِي مَوْكِبِهِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.

.فصل [في منازلة حصون بني قريظة]:

وَأَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الرَّايَةَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَنَازَلَ حُصُونَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَحَصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، وَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحِصَارُ عَرَضَ عَلَيْهِمْ رَئِيسُهُمْ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ ثَلَاثَ خِصَالٍ: إِمَّا أَنْ يُسْلِمُوا، وَيَدْخُلُوا مَعَ مُحَمَّدٍ فِي دِينِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلُوا ذَرَارِيهِمْ، وَيَخْرُجُوا إِلَيْهِ بِالسُّيُوفِ مُصْلَتِينَ يُنَاجِزُونَهُ حَتَّى يَظْفَرُوا بِهِ أَوْ يُقْتَلُوا عَنْ آخِرِهِمْ، وَإِمَّا أَنْ يَهْجُمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ وَيَكْبِسُوهُمْ يَوْمَ السَّبْتِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَمِنُوا أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ فِيهِ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبُوهُ إِلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فَبَعَثُوا إِلَيْهِ أَنْ أَرْسِلْ إِلَيْنَا أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ نَسْتَشِيرُهُ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا فِي وَجْهِهِ يَبْكُونَ، وَقَالُوا: يَا أَبَا لُبَابَةَ: كَيْفَ تَرَى لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ يَقُولُ: إِنَّهُ الذَّبْحُ، ثُمَّ عَلِمَ مِنْ فَوْرِهِ أَنَّهُ قَدْ خَانَ اللهَ وَرَسُولَهُ، فَمَضَى عَلَى وَجْهِهِ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ، مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ فَرَبَطَ نَفْسَهُ بِسَارِيَةِ الْمَسْجِدِ، وَحَلَفَ أَلَّا يَحِلَّهُ إِلَّا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ أَرْضَ بَنِي قُرَيْظَةَ أَبَدًا فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ قَالَ: «دَعَوْهُ حَتَّى يَتُوبَ اللهُ عَلَيْهِ» ثُمَّ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ وَحَلَّهُ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ. ثُمَّ إِنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَتْ إِلَيْهِ الْأَوْسُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ فَعَلْتَ فِي بَنِي قَيْنُقَاعَ مَا قَدْ عَلِمْتَ وَهُمْ حُلَفَاءُ إِخْوَانِنَا الْخَزْرَجِ، وَهَؤُلَاءِ مَوَالِينَا فَأَحْسِنْ فِيهِمْ. فَقَالَ: «أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْكُمْ؟» قَالُوا: بَلَى. قَالَ: «فَذَاكَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ» قَالُوا: قَدْ رَضِينَا، فَأَرْسَلَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهُمْ لِجُرْحٍ كَانَ بِهِ، فَرَكِبَ حِمَارًا وَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلُوا يَقُولُونَ لَهُ وَهُمْ كَنَفَيْهِ: يَا سَعْدُ أَجْمِلْ إِلَى مَوَالِيكَ، فَأَحْسِنْ فِيهِمْ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ حَكَّمَكَ فِيهِمْ لِتُحْسِنَ فِيهِمْ، وَهُوَ سَاكِتٌ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ: لَقَدْ آنَ لِسَعْدٍ أَلَّا تَأْخُذَهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ. فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ رَجَعَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَعَى إِلَيْهِمُ الْقَوْمَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلصَّحَابَةِ: «قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ» فَلَمَّا أَنْزَلُوهُ. قَالُوا: يَا سَعْدُ، هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكِ. قَالَ: وَحُكْمِي نَافِذٌ عَلَيْهِمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: وَعَلَى مَنْ هَاهُنَا؟ وَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ وَأَشَارَ إِلَى نَاحِيَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِجْلَالًا لَهُ وَتَعْظِيمًا، قَالَ: «نَعَمْ وَعَلَيَّ» قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ يُقْتَلَ الرِّجَالُ وَتُسْبَى الذُّرِّيَّةُ وَتُقَسَّمَ الْأَمْوَالُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ» وَأَسْلَمَ مِنْهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ نَفَرٌ قَبْلَ النُّزُولِ. وَهَرَبَ عَمْرُو بْنُ سَعْدٍ فَانْطَلَقَ فَلَمْ يُعْلَمْ أَيْنَ ذَهَبَ، وَكَانَ قَدْ أَبَى الدُّخُولَ مَعَهُمْ فِي نَقْضِ الْعَهْدِ، فَلَمَّا حُكِمَ فِيهِمْ بِذَلِكَ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ كُلِّ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يَنْبُتْ أُلْحِقَ بِالذُّرِّيَّةِ، فَحَفَرَ لَهُمْ خَنَادِقَ فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ وَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَكَانُوا مَا بَيْنَ السِّتِّمِائَةِ إِلَى السَّبْعِمِائَةِ، وَلَمْ يَقْتُلْ مِنَ النِّسَاءِ أَحَدًا سِوَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَتْ طَرَحَتْ عَلَى رَأْسِ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِتِ رَحًى فَقَتَلَتْهُ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْ فُصُولِ الْهَدْيِ بِحُرُوفِهِ مَعَ حَذْفِ بَعْضِ الْمَسَائِلِ كَصَلَاةِ الْعَصْرِ فِي قُرَيْظَةَ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ حَارَبُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَجْلَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنْ عَلَيْهِمْ حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَّمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. إِلَّا أَنْ بَعْضَهُمْ لَحِقُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا. وَأَجْلَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ بَنِي قَيْنُقَاعَ (وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ) وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ، وَكُلَّ يَهُودِيٍّ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ. اهـ.
{وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [59: 3 و4].